• التشرد الاطفال

    الإدمان وأكل  الفضلات أنماط معيشتهم

    عرفالمغربهذه الظاهرة خلال العقدين الأخيرين بحكم تفكك بنياته التقليدية وما واكبه منمتغيرات مست مؤسسات المجتمع وعلى رأسها الأسرة، غير أن المؤشر الذي يبقى الأكثرالتصاقا بالظاهرة هو مؤشر الفقر المدقع الذي يعتبر السبب الرئيسيلاستفحالها.

    وبالرغم من كون ظاهرةأطفال الشوارع” ظاهرة عالمية فإنها تبرز أكثر بكل حدةفيمايطلق عليه بالبلدان السائرةفيطريقالنمو، فحسب إحصائيات منظمة تشايلدهوب childhope لسنة 1991، فإن 40% من الطفولةالمشردةفيالعالم تتواجد بأمريكا اللاتينية، كما أن ملايين تتواجدفيالقارة الإفريقية.

    وبالرغم من وجود قطاعحكومي مكلف بشؤون الطفولة، إضافة إلى مؤسسات خاصة كالمرصد الوطني لحقوق الطفل، فإنهيسجل قلة مراكز إيواء واستقبال الشوارع، وهو ما يقتضي المزيد من تكثيف الجهود خاصةوأن الظاهرة تزداد انتشارا.. فحسب دراسة إحصائية أجريت سنة 1998، فإن ظاهرة أطفالالشوارع منتشرةفيجلالمدنالمغربيةالكبرى والمتوسطة، حيث بلغ عددهمفيالعمالات والأقاليم التي شملتها الدراسة 8780 طفلاً.

    ويتعلق الأمر بكل من ولايةمراكش وعمالة آسفيوعمالة الجديدة وبني ملال وعمالة طنجة وأصيلا، وعمالة تطوان وفاس مكناس، فإقليمآسفيوحدهيضم 2322 طفلاً، ويصل عدد الأطفال الذين يقل عمرهم عن التاسعة 2522 طفلاً، أماالأعمار المتراوحة بين 15 و18 سنةفيبلغعددهم 2701 طفل، إضافة إلى 2487 طفلاً يتراوح أعمارهم من 10 و14 سنة، كما أن مدينةالدار البيضاء إحدى أكبر المدنالمغربية، فقد سجّل بها 5430 طفلاًمشردًا.

    مشكل التشرد الاطفال

     

    شارع المخاطر

    إن خروج الطفل إلى الشارعإفراز لضغوط عدة، فكل حالة تتميز بخصوصيتها والتي غالبا ما تعكس تخلي الأسرة عنوظائفها الجوهرية والتحلل والتفكك التدريجي للروابط الأسرية تحت ضغط الفقر وأعباءالمواليد الجدد لفتح المجال للأطفال تحت ظروف الإهمال واللامبالاة لشارع غير مؤطرتربويا ومحفوف بشتى المخاطر، وعلى العموم يمكن حصر الأسباب العامة للظاهرةفيمايلي:

    الفقر المدقع لأسر هؤلاءالأطفال، بمعنى جُل أسر أطفال الشوارع يعيشون الفقر أو تحت عتبة الفقر، وبالتاليالعجز شبه التام عن تلبية أبسط الحاجيات الأساسية لأفراد الأسرة، ولعل ما يعكسأوضاع الفقر تلك النسبة المرتفعة للبطالةفيصفوفآباء هؤلاء الأطفال والتي تصلفيمدينةتطوان على سبيل المثال إلى 84%، علمًا بأن المشتغلين منهم يتعاطون لحرف بسيطة لاتدر مداخل كافية. الأمر الذي يرتبط أيضا بتشغيل الأطفالفيسنمبكرة، حيث أغلب أطفال الشوارع عاشوا تجربة التشغيل مبكرًا، وهذا ما تؤكده أيضاالدراسة الميدانية.

    تفكك الأسرة، فليس من قبيلالصدف أن يعرف جل أطفال الشوارع شكلا من أشكال التفكك الأسري، خاصة عن طريق الطلاقأو الهجر، وما له من انعكاسات سلبية على أوضاع الأطفالفيمواجهة الحرمان من دفء الأسرة والعيش بعيدًا عنها من أجل البقاء، غير أننا لا نعرفالكثير عن طبيعة العلاقات الأسرية داخل الأسر التي ينتمي إليها هؤلاء الأطفال والتيغالبا ما تعكس أزمة تواصل بين الطفل وأسرته.

    الملاذ الأخير

    كما أن الهدر المدرسي أوالتسرب من التعليم، لا بد من الإشارة أول الأمر أن 50% من أطفال الشوارع بمدينةتطوان حرموا أصلا من التمدرس، و45% منهم ضحايا الهدر المدرسي انقطعوا عن المدرسةفيالسنوات الأولى من التعليم الأساسي. وإذا علمنا أن حوالي مليون تقريبا من الأطفالانقطعوا عن الدراسة سنة 1999، يتضح لنا مدى خطورة المسألة والتحديات المرتقبة أمامعجز التكوين المهني عن استيعاب كل هؤلاء الأطفال وقصور القطاع غير المنظم لا سيماحرف الصناعة التقليدية عن استقطابهم، ليبقى الشارع الملاذ الأخيرفيحالةعجز الأسرة وتفككها وإهمالها لأطفالها.

    مشكل التشرد الاطفال

    نمط عيش وثقافة تهميش

    المهم لا بد من إدراكظاهرة أطفال الشوارعفيكليتها وشموليتها مع اعتماد تعدد العواملفيتفسيرها، ومن الضروريفيإطارطرح أهم الأسباب العامة للظاهرة التطرق لمسألة الهجرة القروية، وليس من قبيل الصدفأن ينتمي أغلب أطفال الشوارع للأحياء الهامشية، كما أن البعد الديمغرافييمكنأن يساهمفيفهمالظاهرة بحيث تتميز أسر هؤلاء الأطفال بالتعدد، كما يتضح أن نسبة هامة من آباءأطفال الشوارع تتزوجفيسنمتأخرة أو على الأقل تزوج للمرة الثانيةفيسنمتأخرة، وهو ما يقضي على أية رقابة للآباء على أبنائهم.

    إضافة لما سبق، من الضروريإدماج أسباب أخرى خاصة قد تساعدفيتفسيرالظاهرة، وهي التي ترتبط عموما بميول هؤلاء الأطفال إلى التحرر والهروب من سلطةوضغوط أسرة متداعية أو مفككة يفتقدفيهاالطفل الشعور بالانتماء، ويعجز عن التكيف معها، خاصةفيحالةانحراف كلا الأبوين أو أحدهما، ليبقى الشارع عنصر جذب ومجالا لاكتساب مفاهيم متجددةمن أجل البقاء، تؤدي مع ترسخ الاستئناس بحياة الشارع إلى نمط عيش قوامه ثقافةالتهميش والإقصاء.

    وهنا ينبغي التنبيه إلى أنحياة الشارع ليست كلها سلبية، بل تتوفر على بعض الجوانب الإيجابية الممكن توظيفهافيعمليةإعادة الاندماج.

    ضريبة التهميش

    يمكن تلخيصخطورة الظاهرةفيالعناصر التالية:

    التطور المطرد للظاهرةبالرغم من غياب إحصائيات ودراسات معمقة لتتبع الظاهرة، حيث يتضح بالعين المجردة أنهذه الظاهرةفيتفاقموتزايد مستمر.

    الظاهرة تعكس تهميشوإقصاء فئة من أطفالنا لحساب شارع محفوف بكل أنواع المخاطر وفيمواجهة مصير مجهول مؤطر بالانحراف والاستغلال بكل أشكاله.

    فينهايةالمطاف خطورة ظاهرة أطفال الشوارع تكمنفيكونهؤلاء الأطفال يجتازون مرحلة حاسمةفيتكوينشخصيتهم، على إثرها ستحدد المراحل اللاحقة من نموهم كما أن نسبة هامة من هؤلاءالأطفال يعيشون فترة المراهقة وما ترتبط بها من تغيرات فسيولوجية واضطرابات نفسية،وبالتالي فإن أي تأخيرفيمواجهة الظاهرة سيجعل الحلول مستقبلا غير ممكنة أو على الأقل ستتطلب مجهوداتمضاعفة، وهنا تبرز الصبغة الاستعجالية للتصدي لهذه الآفة الاجتماعية والخطيرة علىمستقبل أجيال الغد.

    أما بخصوصالمغرب،فالظاهرة برزت بوضوح خلال العقدين الأخيرين خاصةفيالمدنالكبرى والمتوسطة، فبالرغم من عدم توفر إحصائيات دقيقةحولتطورهذه الظاهرة فإن المعطيات والتقديرات المتوفرة تعكس مدى التزايد المضطرد الذي تعرفهوالخطورة المحدقة بمستقبل هؤلاء الأطفال المعرضين لشتى أنواع الانحراف والاستغلالفهم يجتازون المرحلة الحاسمةفيتكوينشخصيتهم، مما سينعكس سحتما على المراحل اللاحقة من نموهم بحكم التجارب القاسية التييمر منها هؤلاء الأطفال والحرمان من أبسط الحقوق الأساسية.

    من هنا يأتي الطابعالاستعجالي للتصدي لخطورة هذه الظاهرة على أجيالنا، وفق مقاربة شمولية ذات بعدينوقائي وعلاجي، تهدف إلى وضع إطار للتعامل مع الظاهرةفيأبعادها المختلفة عن طريق تضافر وتنسيق جهود كل المتدخلين من قطاعات حكومية وجماعاتمحلية وجمعيات متخصصة وقطاع خاص للحد من الظاهرة، علما بأن القطاع الأهلي كان سباقالمواجهة هذه الآفة، غير أن محدودية العمل الأهلي أمام تفاقم الظاهرة أصبح يستلزمتدخل الأطراف الأخرى وتحديد أدوارها ومسؤولياتها